أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

الأشهر الحرم رسالة سلام للإنسانية خطبة الجمعة القادمة للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 4 فبراير 2022م : الأشهر الحرم رسالة سلام للإنسانية ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 3 رجب 1443هـ – الموافق 4 فبراير 2022م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 فبراير 2022م ، للدكتور محروس حفظي : الأشهر الحرم رسالة سلام للإنسانية.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 فبراير 2022م ، للدكتور محروس حفظي : الأشهر الحرم رسالة سلام للإنسانية ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 فبراير 2022م ، للدكتور محروس حفظي : الأشهر الحرم رسالة سلام للإنسانية ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة: الأشهر الحرم رسالة سلام للإنسانية ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

 

(1) مفهومُ الأشهرِ الحُرمِ.

(2) ما يجبُ علينَا فعلُهُ تجاهَ الأشهرِ الحُرمِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة الأشهر الحرم رسالة سلام للإنسانية” ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافىءُ مزيدَهُ، لكَ الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامّ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمَّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة : الأشهر الحرم رسالة سلام للإنسانية

(1) مفهومُ الأشهرِ الحُرمِ:

أهلَّ اللهُ علينَا شهرًا عظيمًا مِن الأشهرِ ارمِ ألا وهو «شهرُ رجبٍ»، والأشهرُ الحرمُ – كما هو معلومٌ-  أربعةٌ: «ذو القعدةِ، وذو الحجةِ، ومحرمٌ، ورجبٌ»، وقد أشارَ اللهُ إليها إجمالًا في كتابهِ فقالَ تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾، ثم جاءتْ السنةُ النبويةُ وبينتْهَا فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجةِ الوداعِ فقالَ: «أَلا إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» (البخاري)، وإنَّمَا أضافَ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهرَ «رجبٍ» إليهم؛ «لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْظِيمِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، فَيُقَالُ إِنَّ رَبِيعَةَ كَانُوا يَجْعَلُونَ بَدَلَهُ رَمَضَانَ، وَكَانَ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ مَا ذُكِرَ فِي الْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ، فَيُحِلُّونَ رَجَبًا، وَيُحَرِّمُونَ شَعْبَانَ»، وقدْ وصفَهَ بكونِهِ «بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» مُبَالَغَةً فِي إِيضَاحِهِ وَإِزَالَةً لِلَّبْسِ عَنْهُ، وليبيِّنَ صحةَ قولِ هذه القبيلةِ في رجبٍ أنَّهُ الشهرُ الذي بينَ جُمادَى وشعبانَ، لا كما تظنُّ ربيعةُ مِن أنَّ رجبَ المُحَرَّمَ هو الشهرُ الذي بينَ شعبانَ وشوال، فبيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ رجبُ مضرُ لا رجبَ ربيعةَ» . فتح الباري 8/ 325، وشرح النووي 11/168.

إنَّ الإسلامَ دينُ السلمِ والسلامِ، والأمنِ والأمانِ حيثُ حُرِّمَ القتالُ في الأشهرِ الحُرمِ قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾، وقد سُمِّيَ شهرُ«رجبٍ الأصم»؛ لأنَّهُ لا يسمعُ فيه صوتُ السلاحِ؛ إِلّا إذَا داهمَ العدوُّ بلدَنَا عندئذٍ يُفْرَضُ القتالُ دفاعًا عن أنفسِنَا وأهلِنَا وأموالِنَا وأوطانِنَا قالَ تعالى: ﴿وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾، وعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، إِلَّا أَنْ يُغْزَى، أَوْ يُغْزَوْا، فَإِذَا حَضَرَهُ، أَقَامَ حَتَّى يَنْسَلِخَ» (أحمد)، وهذا يبعثُ في النفسِ البشريةِ التفكيرَ في هذا الدينِ، ويبثُّ للإنسانيةِ رسالةَ طمأنيةٍ بأنَّ الإسلامَ ليس دينَ قتلٍ وسفكٍ للدماءِ، بل يدعُو للتسامحِ والتعايشِ السلمِي، ونبذِ العنفِ والتطرفِ قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ وقال أيضًا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة : الأشهر الحرم رسالة سلام للإنسانية

(2) ما يجبُ علينَا فعلُهُ تجاهَ الأشهرِ الحُرمِ:

أرشدنَا دينُنَا الحنيفُ إلى كيفيةِ التعاملِ مع هذِه الأشهرِ الحُرمِ، ويمكنُ إيجازَ هذه الوصايا فيما يلي:

*كفُّ النفسِ عن المعاصِي والفواحشِ والمنكراتِ: أمرَ اللهُ المسلمَ أنْ يجتنبَ المعاصي صغيرَهَا وكبيرَهَا جليلَهَا وحقيرَهَا قالَ تعالى: ﴿قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾، وعن أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ» (متفق عليه)، وكمَا أنَّ الحسنةَ تضاعفُ في مواسمِ الخيرِ والبرِّ كما قالَ في حقِّ أمهاتِ المؤمنين ﴿يَا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً﴾، فكذَا المعصيةُ في الأشهرِ الحُرمِ عقابُهَا كبيرٌ، وإثمُهَا عظيمٌ، ومِن فضلِ اللهِ على هذه الأُمةِ أنْ جعلَ لها مواسمَ للخيرِ حريٌّ بالمؤمنِ التماسَهَا فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مَنْ رَحِمَتِهِ، يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ». (الطَّبَرَانِيُّ، رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ).

فيا أيُّهَا المقيمُ علي المعاصِي والفواحشِ أقصرْ، وتبْ وارجعْ إلي اللهِ، ولا تقنطْ ولا تيأسْ من رحمتِهِ قالَ تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾، وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً» . (الترمذي وحسنه) .

تابع خطبة الجمعة القادمة : الأشهر الحرم رسالة سلام للإنسانية

*الكفُّ عن الظلمِ بأنواعِهِ الثلاثِ في الأشهرِ الحُرمِ:

 لقد حرمَ اللهُ الظلمَ على وجهِ العمومِ، فعاقبتُهُ وخيمةٌ، وآثارُهُ شنيعةٌ عظيمةٌ فعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا» (مسلم)، وقد نهَى عن الظلمِ في الأشهرِ الحُرمِ خاصةً حيثُ قالَ تعالَى: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾؛ لِمَا لهَا مِن حرمةٍ وقدسيةٍ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، قَالَ قَتَادَةُ: «إِنَّ الظُّلْمَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَعْظَمُ خَطِيئَةً وَوِزْرًا مِنَ الظُّلْمِ فِيمَا سِوَاهَا، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَظِيمًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُعَظِّمُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى صَفَايا مِنْ خَلْقِهِ، اصْطَفَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا، وَمِنَ النَّاسِ رُسُلًا، وَاصْطَفَى مِنَ الْكَلَامِ ذِكْرَهُ، وَاصْطَفَى مِنَ الْأَرْضِ الْمَسَاجِدَ، وَاصْطَفَى مِنَ الشُّهُورِ رَمَضَانَ وَالْأَشْهُرَ الْحُرُمَ، وَاصْطَفَى مِنَ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاصْطَفَى مِنَ اللَّيَالِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَعَظِّمُوا مَا عَظَّمَ اللَّهُ، فَإِنَّمَا تعظيم الْأُمُورُ بِمَا عَظَّمَهَا اللَّهُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ وَأَهْلِ الْعَقْلِ» . (تفسير ابن كثير 4/ 131) .

والظلمُ ثلاثةُ أقسامٍ:

  • ظلمٌ بينَ الإنسانِ وخالقِهِ، وأعظمُهُ الشركُ باللهِ.
  • ظلمٌ بينَ الإنسانِ ونفسِهِ.
  • ظلمٌ بينَهُ وبينَ غيرِهِ.

والمتأملُ في الأنواعِ الثلاثِ يجدُ أنّ مردَّهَا إلى نوعٍ واحدٍ أَلَا وهو «ظلمُ الإنسانِ لنفسِهِ»، فاللهُ لا تضرُّهُ المعصية، ولا تنفعُهُ الطاعة، قال جلَّ وعلا ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً﴾، والإنسانُ عندمَا يظلمُ أخاهُ الإنسانَ، ويظلمُ وطنَهُ بتقصيرِهِ في أداءِ واجبِهِ، أو إهمالِهِ في عملِهِ، أو تهربِهِ مِمِّا كُلِّفَ بهِ إنَّمَا هو في الأساسِ يظلمُ نفسَهُ، إذ شُؤمُ ذلك كلُّهُ راجعٌ عليه، والعكسُ بالعكسِ، وقد جمعَهَا حديثُ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: «الظُّلْمُ ثَلاثَةٌ، فَظُلْمٌ لا يَغْفِرُهُ اللهُ، وَظُلْمٌ يَغْفِرُهُ، وَظُلْمٌ لا يَتْرُكُهُ، فَأَما الظُّلْمُ الَّذِي لا يَغْفِرُهُ اللهُ فَالشِّرْكُ ﴿إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾، وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي يَغْفِرُهُ فَظُلْمُ العِباَدِ أَنْفُسَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ، وَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لا يَتْرُكُهُ اللهُ فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا حَتَّى يُدَبِّرُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ» (مسند البزار) .

فليحذرْ الإنسانُ مِن الظلمِ، وليبادرْ بردِّ المظالمِ إلى أصحابِهَا قبلَ أنْ يأتِيَ عليه وقتٌ يندمُ على ما قدمتْ يداهُ، ولاتَ  ساعةَ مندمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا كَانَتْ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ فِي عِرْضٍ أَوْ مَالٍ، فَجَاءَهُ فَاسْتَحَلَّهُ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ وَلَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ حَمَّلُوهُ عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ» (البخاري) .

إذَا كانَ الإنسانُ العاقلُ يحترمُ ويلتزمُ القوانين، ويشعرُ بتأنيبِ الضميرِ إذا خالفَهَا، فمِن بابِ أولَى أنْ يعظمَ ما عظمَ اللهُ، ويقدسَ أوامرَهُ، وينتهِي عن نواهيهِ، فالعظيمُ أحقُّ ما يعظمُ ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ﴾، فحريٌّ بي وبك أنْ نقفَ عندَ حدودِ اللهِ وحرماتِهِ فعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَغَفَلَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا» . (رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ) .

تابع خطبة الجمعة القادمة : الأشهر الحرم رسالة سلام للإنسانية

*استشعارُ مراقبةِ العليمِ الخبيرِ:

لقد كانتْ العربُ تتلاعبُ في تقديمِ الأشهرِ الحُرمِ وتأخيرِهَا وفقَ هواهَا، وتبعًا لمصلحتِهَا، فإذَا أرادُوا قتالًا أو إغارةً على قبيلةٍ من القبائلِ أحلُّوا أحدَهَا عامًا، وحرمُوه عامًا كما قالَ تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُواطِؤُا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ﴾، «وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ أَصْحَابَ حُرُوبٍ وَغَارَاتٍ فَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَمْكُثُوا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةٍ لَا يُغِيرُونَ فِيهَا، وَقَالُوا: لَئِنْ تَوَالَتْ عَلَيْنَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لَا نُصِيبُ فِيهَا شَيْئًا لَنَهْلِكَنَّ» (تفسير القرطبي 8/137)، وفي هذا معنى لطيفٌ إلى أنَّ عبادةَ اللهِ تعالى ليستْ بالهوىَ والتمنِّي، وحسبمَا يريدُ الإنسانُ ويشتهِي، بل العباداتُ مبناهَا على التوقيفِ من المُشرِّعِ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لَمَّا جِئْتُ بِهِ» (الأربعون النووية، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ)، وهذا فيهِ ردٌّ على مَن تسولُ له نفسُهُ بالتحليلِ أو التحريمِ قالَ تعالى: ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ﴾، وهذا مِن شأنِهِ أنْ يربِي النفوسَ، ويصقلَ القلوبَ على مراقبةِ علامِ الغيوبِ، فتنتهِي عن غيِّهَا، وتقصرَ عن عصيانِ ربِّهَا، أمَّا انتهاكُ الحرماتِ فسببٌ لزوالِ الحسناتِ ولو كانتْ مثلَ الجبالِ فعَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًاء فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ: صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ:«أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا» . (ابن ماجه) .

تابع خطبة الجمعة القادمة : الأشهر الحرم رسالة سلام للإنسانية

*استغلالُ هذه الأشهرِ الحرمِ:

رغبَّ الشارعُ الحكيمُ في الإكثارِ مِن الطاعاتِ والعباداتِ في الأشهرِ الحُرمِ، وقد سُمِّيَ شهرُ«رجبِ» بالأصبِّ؛ لأنَّ الرحمةَ والمغفرةَ تنصبُ على العبادِ فيه، فيستحبُّ للمسلمِ أنْ يسارعَ في إخراجِ الصدقاتِ، وقضاءِ الحاجاتِ، ويكثرَ مِن الدعاءِ في الخلواتِ خاصةً  في الثلثِ الأخيرِ مِن الليلِ حيثُ يتنزلُ ربُّنَا عزَّ وجلَّ نزولًا يليقُ بهِ فعَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «يَنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ» (أحمد)، قد سنَّ لنَا رسولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصيامَ في الأشهرِ الحُرمِ، فعَنْ مُجِيبَةَ الباهليةِ عَنْ أَبِيهَا أَوْ عَمِّهَا «أنَّه أتَى رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم انطلقَ فأتاهُ بعدَ سنةٍ، وقد تغيرتْ حالُهُ وهيئتُهُ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، أمَا تعرفُنِي، قالَ: ومَن أنت؟ قالَ: أنَا الباهلِيُّ الذي جئتُكُ عامَ الأولِ، قال: فما غيرَكَ، وقد كنتَ حسنَ الهيئةِ؟، قال: ما أكلتُ طعامًا إلا بليلٍ منذُ فارقتُكَ، فقالَ رسولُ اللهِ لمَ عذبتَ نفسَكَ، ثمَّ قالَ: صُمْ شهرَ الصبرِ، ويومًا مِن كلِّ شهرٍ، قالَ: زدنِي فإنّ بِي قوةً، قالَ: صُمْ يومين، قالَ: زدنِي، قالَ: صُمْ ثلاثةَ أيامٍ، قالَ: زدنِي، قال: صُمْ مِن الحرمِ واتركْ، صُمْ مِن الحرمِ واتركْ، صُمْ مِن الحرمِ واتركْ، وقالَ: بأصابعِهِ الثلاثةِ فضمَهَا ثمَّ أرسلَهَا» . (أبو داود)، كما استحبَّ بعضُ العلماءِ أداءَ العُمرةِ في شهرِ«رجبٍ»، حيثُ وردَ عن بعضِ الصحابةِ فعلُ ذلكَ فعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «كَانَتْ عَائِشَةُ تَعْتَمِرُ فِي آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَتَعْتَمِرُ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي رَجَبٍ، تُهِلُّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ»، وعَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن حَاطِبٍ قَالَ: «اعْتَمَرْتُ مَعَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي رَجَبٍ» . (ابن أبي شيبة) .

إنّ الأشهرَ الحُرمَ فرصةٌ كبيرةٌ، ووسيلةٌ عظيمةٌ؛ ليهذبَ الإنسانُ فيها نفسَهُ مِن المعاصِي والفواحشِ، ويخلصَهَا مِن الأدواءِ الظاهرةِ والأمراضِ الباطنةِ؛ ليصلَ بذلك إلى تحقيقِ معيةِ اللهِ تعالى، والشعورِ بالسكينةِ والطمأنينةِ والأمانِ النفسِي، ولذَا ختمَ اللهُ الآيةَ في الحديثِ عن الأشهرِ الحُرمِ بقولِهِ: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾، فهذا إعلامٌ لنَا بأنّ معيتَهُ – جلَّ وعلا – للمتقينَ يحميهُم، ويحرسُهُم، ويدافعُ عنهم، ويحفظُهُم مِن كلِّ سوءٍ ومكروهٍ.

نسألُ اللهَ أنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لما فيه نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »